نقص المهارات في ألمانيا- أزمة متفاقمة وتحديات مستقبلية

المؤلف: «عكاظ» (برلين)08.22.2025
نقص المهارات في ألمانيا- أزمة متفاقمة وتحديات مستقبلية

تواجه ألمانيا تحديًا متزايدًا يتمثل في نقص حاد في الأيدي العاملة الماهرة، لا سيما في قطاعات حيوية كالتعليم، والرعاية الاجتماعية، والتمريض، وكذلك في مجال المبيعات وغيره من المجالات الأساسية.

وكشفت دراسة معمقة أجراها المعهد الاقتصادي الألماني «آي دابليو» أن هذه الفجوة المهنية آخذة في الاتساع بوتيرة مقلقة خلال السنوات القليلة المقبلة.

وتشير نتائج الدراسة إلى أنه بحلول عام 2028، قد تتجاوز الوظائف الشاغرة التي لا تجد من يشغلها بالكفاءة المطلوبة حاجز الـ 768 ألف وظيفة. وفي عام 2024 وحده، بلغ متوسط النقص نحو 487 ألف وظيفة.

ويوضح يوريك تيدمان، المشرف على الدراسة، أن "السبب الجوهري وراء هذا العجز المتفاقم يكمن في التغيرات الديموغرافية العميقة التي يشهدها المجتمع الألماني، حيث يتقاعد أعداد كبيرة من ذوي الخبرة في السنوات القادمة. وإذا لم ننجح في معالجة هذا النقص، فسوف يتأثر على نحو ملحوظ سير الحياة اليومية لقطاعات واسعة من السكان في المستقبل القريب".

ويضيف تيدمان أن "نقص دور الحضانة وأماكن الرعاية سيؤدي إلى تقويض قدرة الموظفين على زيادة ساعات عملهم، حيث سيكونون ملزمين برعاية الأطفال والأقارب، مما يحد من إنتاجيتهم".

واستنادًا إلى بيانات دقيقة لعام 2023، والاتجاهات السائدة في السنوات الأخيرة، قام فريق البحث بتحليل دقيق لتطورات سوق العمل في أكثر من 1300 مهنة مختلفة. وتظهر التوقعات أن قطاع المبيعات يواجه أكبر تهديد، حيث من المرجح أن تتسع فجوة المهارات فيه من أكثر من 12.9 ألف وظيفة إلى ما يقارب 40.4 ألف وظيفة.

ويأتي العاملون في مجال رعاية الأطفال في المرتبة الثانية من حيث حجم النقص المتوقع، بفجوة تقدر بنحو 30.8 ألف وظيفة شاغرة. ويتبعهم في المرتبة الثالثة العاملون في مجال العمل الاجتماعي والتعليم بأكثر من 21.1 ألف وظيفة، ثم قطاع الصحة والتمريض بنحو 21 ألف وظيفة.

وعكف الباحثون على دراسة معمقة للمهن التي من المحتمل أن تشهد أكبر زيادة أو نقصان في أعداد الموظفين. وتشير نتائج الدراسة إلى أن قطاع رعاية الأطفال سيسجل أكبر زيادة، مع توقعات بتوظيف نحو 143 ألف فرد إضافي بحلول عام 2028. كما يتوقع أن تشهد مهن تكنولوجيا المعلومات نموًا ملحوظًا بنسبة 26% بفضل التوسع المتزايد في الرقمنة.

في المقابل، يتوقع المعهد الاقتصادي الألماني «آي دابليو» أكبر انخفاض في مهن المعادن، حيث قد ينخفض عدد المتخصصين المدربين في هذا المجال بنحو 161 ألف فرد بحلول عام 2028، وذلك نتيجة لاتجاه العديد من الموظفين لمغادرة هذا القطاع وتراجع الإقبال عليه من قبل الموظفين الجدد.

وتشير الدراسة أيضًا إلى انخفاض كبير وغير معتاد في عدد موظفي البنوك المدربين، بواقع 56.3 ألف موظف. ويعلق تيدمان على ذلك بقوله: "يشهد النظام المصرفي تحولًا متسارعًا نحو التشغيل الآلي، حيث يتم إغلاق الفروع وتقليل عدد الموظفين بشكل تدريجي، وبالتالي تتضاءل الحاجة إلى الأيدي العاملة".

ويشدد الخبراء على أهمية تفعيل جهود التوجيه المهني في المدارس، وزيادة الحوافز لتشجيع التوظيف لفترات أطول، وتيسير هجرة الكفاءات إلى ألمانيا على نطاق أوسع.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة